کد مطلب:352938 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:262

ام المؤمنین هی القائدة
ذكر المؤرخون بأنها كانت هی القائدة العامة وهی التی تولی وتعزل وتصدر

الأوامر حتی أن طلحة والزبیر اختلفا فی إمامة الصلاة وأراد كل منهما أن یصلی بالناس، فتدخلت عائشة وعزلتهما معا وأمرت عبد الله بن الزبیر ابن أختها أن یصلی هو بالناس. وهی التی كانت ترسل الرسل بكتبها التی بعثتها فی كثیر من البلدان تستنصرهم علی علی بن أبی طالب وتثیر فیهم حمیة الجاهلیة. حتی عبأت عشرین ألفا أو أكثر من أوباش العرب وأهل الأطماع لقتال أمیر المؤمنین والإطاحة به. وأثارتها فتنة عمیاء قتل فیها خلق كثیر باسم الدفاع عن أم المؤمنین ونصرتها ویقول المؤرخون أن أصحاب عائشة لما غدروا بعثمان بن حنیف والی البصرة وأسروه هو وسبعین من أصحابه الذین كانوا یحرسون بیت المال جاؤوا بهم إلی عائشة فأمرت بقتلهم فذبحوهم كما یذبح الغنم. وقیل كانوا أربعمائة رجل یقال أنهم أول قوم من المسلمین ضربت أعناقهم صبرا [1] .

روی الشعبی عن مسلم بن أبی بكرة عن أبیه قال: لما قدم طلحة والزبیر البصرة، تقلدت سیفی وأنا أرید نصرهما، فدخلت علی عائشة فإذا هی تأمر وتنهی وإذا الأمر أمرها، فتذكرت حدیثا عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كنت سمعته یقول: لن یفلح قوم تدبر أمرهم امرأة فانصرفت عنهم واعتزلتهم. كما أخرج البخاری عن أبی بكرة قوله: لقد نفعنی الله بكلمة أیام



[ صفحه 103]



الجمل، لما بلغ النبی صلی الله علیه وآله وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسری قال: لن یفلح قوم ولوا أمرهم امرأة [2] .

ومن المواقف المضحكة والمبكیة فی آن واحد أن عائشة أم المؤمنین تخرج من بیتها عاصیة لله ولرسوله ثم تأمر الصحابة بالاستقرار فی بیوتهم، إنه حقا أمر عجیب!! فكیف وقع ذلك یا تری؟ روی ابن أبی الحدید المعتزلی فی شرح النهج وغیره من المؤرخین أن عائشة كتبت - وهی فی البصرة - إلی زید بن صوحان العبدی رسالة تقول له فیها: من عائشة أم المؤمنین بنت أبی بكر الصدیق، زوجة رسول الله، إلی ابنها الخالص زید بن صوحان، أما بعد فأقم فی بیتك وخذل الناس عن ابن أبی طالب، ولیبلغنی عنك ما أحب إنك أوثق أهلی عندی والسلام. فأجابها هذا الرجل الصالح بما یلی: من زید بن صوحان إلی عائشة بنت أبی بكر، أما بعد فإن الله أمرك بأمر، وأمرنا بأمر، أمرك أن تقری فی بیتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتانی كتابك تأمرینی أن أصنع خلاف ما أمرنی الله به، فأكون قد صنعت ما أمرك الله به، وصنعت أنت ما به أمرنی، فأمرك عندی غیر مطاع، وكتابك لا جواب له. وبهذا یتبین لنا بأن عائشة لم تكتف بقیادة جیش الجمل فقط وإنما طمحت فی إمرة المؤمنین كافة فی كل بقاع الأرض ولكل ذلك كانت هی التی تحكم طلحة والزبیر اللذین كانا قد رشحهما عمر للخلافة، ولكل ذلك أباحت لنفسها أن تراسل رؤساء القبائل والولاة وتطمعهم وتستنصرهم. ولكل ذلك بلغت تلك المرتبة وتلك الشهرة عند بنی أمیة فأصبحت هی المنظور إلیها والمهابة لدیهم جمیعا والتی یخشی سطوتها ومعارضتها



[ صفحه 104]



فإذا كان الأبطال والمشاهیر من الشجعان یتخاذلون ویهربون من الصف إزاء علی بن أبی طالب ولا یقفون أمامه فإنها وقفت وألبت واستصرخت واستفزت. ومن أجل هذا حیرت العقول وأدهشت المؤرخین الذین عرفوا مواقفها فی حرب الجمل الصغری قبل قدوم الإمام علی وفی حرب الجمل الكبری بعد مجئ الإمام علی ودعوتها لكتاب الله فأبت وأصرت علی الحرب فی عناد لا یمكن تفسیره إلا إذا عرفنا عمق وشدة الغیرة والبغضاء التی تحملها أم المؤمنین لأبنائها المخلصین لله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم.


[1] الطبري في تاريخه: 5 / 178. وشرح النهج: 2 / 501 وغيرهم.

[2] صحيح البخاري: 8 / 97 باب الفتن. والنسائي: 4 / 305. والمستدرك: 4 / 525.